شيخنا الفاضل: لو تكرمت وبينت لنا حول بيان جواز أن تمر الفتاة مظهرة شعرها ولو لمرة واحدة أمام الشاب الذي يتقدم لها بهدف الخطبة رغم انه لم يعقد عليها القران بعد. مع ذكر الدليل، وما هو رأيك الشخصي بالمسألة
بارك الله بكم وزادكم علما
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الأخ السائل عن مقدار ما يجوز للخاطب أن يراه ممن يريد خطبتها.
أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات بغض أبصارهم، قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) النور 30
وقال: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ) النور 31
ولكن استثنت الشريعة المطهرة حالات أباحت فيها النظر إلى المرأة الأجنبية، ومن ذلك نظر الخاطب إلى مخطوبته؛ نظرا لأهمية ما يبنى على هذه الخطوة من مصير كلا الطرفين، ولقد شرع الإسلام للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته؛ لما رواه المغيرة بن شعبة وقد خطب امرأة، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنظرت إليها؟ قال: لا، قال: أنظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)) رواه الترمذي وحسنه، والنسائي، وابن ماجه.
واختلف الفقهاء في مقدار النظر؛ لما رواه جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)) رواه أبو داوود، وصححه الألباني.
فقال الجمهور: أبو حنيفة ومالك والشافعي: يرى الوجه والكفين؛ لأن الوجه مجمع المحاسن، والكفين دليل على خصب البدن. الإمام أحمد توسع فقال: له أن يرى منها ما يظهر غالبا في بيتها مع محارمها: كالوجه، واليدين، والقدمين، والشعر، والنحر، مع وجود المحرم وليس في خلوة بينهما.
قال الإمام النووي: إذا رغب في نكاحها استحب أن ينظر إليها، ويجوز تكرير هذا النظر، والمرأة تنظر إلى الرجل إذا أرادت تزوجه فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها.
والراجح في هذا: ما ذهب إليه الجمهور، لأن التوسع أكثر من ذلك قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، وهو أكرم للفتاة في حال لم تتم الخطبة. والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.