السلام عليكم شيخي الفاضل
لا شك أنك سمعت بـ ” نونية القحطاني “.. يعني هي قصيدة طويلة و جميلة المعاني .. و لكن السؤال هو هل كل معانيها صحيحة ؟ و هل القحطاني ينتمي لمذهب أهل السنة و الجماعة و السلف الصالح ؟
و في بعض الأبيات ذكر القحطاني شيئا عن استواء الأرض بمعنى أنه يرد على من قالوا أن الأرض دائرية و لكن بعض العلماء فسروا بأن المقصود في استواء الأرض هو استواؤهاعند منطقة القطبين (بيضاوية الشكل ) أو المقصود بذلك أنها هي غير مستوية ولكنها تخيل مستوية لمن يسير يعيش عليها
فهل هذا يا شيخي يدل على أن القحطاني أخطأ في هذه الناحية أم هو أيضا كان له نفس المقصد و هل يمكن الإستدلال بأبيات قصيدته ؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الأخ الكريم السائل عن معاني نونية القحطاني.
في البداية لابد أن نعطي فكرة للقاريء لماذا سميت بالنونية ومن هو ناظمها كما نعطيه أمثلة من النظم.
فناظم النونية هو “عبدالله محمد الأندلسي” من الأندلس، المسماة اليوم باسبانيا والبرتغال، ولقب بالقحطاني لأن أصله من قبيلة قحطان من الجزيرة العربية وسميت نونية لأن أبياتها كلها تنتهي بحرف النون.
وقولك هل هو من أهل السنة والجماعة لا شك في ذلك، فهو يرفع لواء أهل السنة والجماعة ويصرح بأنه سيف من سيوفهم، كما أنه ينتمي إلى المذهب الفقهي المالكي، وقصيدته تدل على أن له باع طويل في العلم والأدب والشعر فهو بحر زاخر من العلوم.
يقول في مطلع النونية:
اشرح به صدري لمعرفة الهدى * واعصم به قلبي من الشيطان
ثم يقول مبينا فضل الصديق وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
اعني أبابكر الذي لم يختلف * من شرعنا في فضله اثنان
هو شيخ أصحاب النبي وخيرهم * وامامهم حقا بلا بطلان
وأبو المطهرة التي تنزيهها * قد جاءنا في النور والفرقان
أكرم بعائشة الرضى من حرة * بكر مطهرة الازار حصان
هي زوج خير الأنبياء وبكره * وعروسه من جملة النسوان
ثم ذكر فضل فاطمة وعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم فقال:
غصنان أصلهما بروضة أحمد * لله در الأصل والغصنان
ثم عرج على من قتل الحسين فقال:
لسنا نكفر مسلما بكبيرة * فالله ذو عفو وذو غفران
والقصيدة طويلة وتشمل معظم العلوم التي تهم المسلم.
أما قولك انه قال بأن الأرض مستوية لم ألحظ هذا فيما عندي من نصوص قصيدته، أما قولك وهل يخطيء، الخطأ وارد من كل البشر باستثناء من عصمهم الله من الأنبياء والرسل والإمام مالك رحمه الله قال: كل يؤخذ من قوله ويرد عليه الا صاحب هذا القبر واشار الى قبر النبي (صلى الله عليه وسلم)
فالعصمة ليست الا للأنبياء والمرسلين اما بقية البشر مهما علا شأنهم وعلمهم فهم معرضون للخطأ.
فهو ذكر قضايا فقهية منها وجوب القصر والجمع في السفر، وهذا مذهب مالك إلا أن الأحناف يخالفون في قضية الجمع فعندهم القصر بلا جمع الا في منى وعرفات.
إذا ليس في كل ما قاله متفق عليه عند أهل العلم. ومع ذلك فالعلماء يحتجون بقصيدته ويقتبسون منها وهي حجة فيما لا خلاف فيه وهناك من جعلها من جملة الروائع، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.